رابطة هواة الفلك في العالم الإسلامي

Amateur Astronomers Association of Islamic World

عبدالله علي العياضي

إن كان الكلام عن تاريخ الأفلاك فإننا نتكلم عن تاريخ البشرية فالسماء هي الوحيدة التي بقت وستبقى إلى ما شاء الله حيث رآها الإنسان القديم والإنسان الحديث وبذلك نكون نحن في هذا الزمان نطلع على أجرام سماوية كانوا الأقدمون قد اطلعوا عليها مثلنا تماماً فعَـلِـم الإنسان السماء منذ أن عرف الحياة على وجه الأرض، وظلت السماء تدور ليشاهدها الإنسان ويدور بعقله في أفلاكها وحركتها عقداً بعد عقد وقروناً بعد قرون وزماناً بعد زمان إلى عصرنا هذا. في هذه السطور سنحاول بشكل موجز التحدث عن تاريخ علم الفلك منذ قديم الزمان عند تلك الشعوب القديمة إلى وقتنا الحاضر.

الفلك في بلاد ما بين النهرين:

إن أول من خط القلم هو نبي الله إدريس عليه السلام حيث أن الله تعالى افهمه أسرار الفلك وفهمه عدد السنين والحساب فتعلم وعَلم عِلم النجوم ، ومولد إدريس عليه السلام هو العراق في بلاد مابين النهرين حيث نشأت فيها عدد من الشعوب القديمة منها السومريون والبابليون والأشوريون والكلدان وغيرهم حيث توصل السومريون الذين كتبوا بالمسمارية إلى قسمة السنة إلى اثني عشر شهراً قمرياً فجعلوا كل سنتين قمريتين سنه أخرى فيكون عدد السنة ثلاثة عشر شهراً وكذلك اعتمد البابليون النظام الستيني في تمثيل الأعداد وقسموا الدائرة إلى 360 ْ وقسموا الليل والنهار إلى ساعات ووحدات وكذلك ميزوا الكواكب السيارة الخمسة المعروفة ، وعرفوا أن الشمس والقمر والكواكب تسير في مسارات محدده في السماء ولقد قسموا السماء إلى اثني عشر قسماً سماوياً كل قسم 30 درجه وهي ما يسمى حالياً بفلك البروج ، ولقد استخدموا الزقورات والأبراج لرصد الأجرام السماوية وكذلك صنعوا المزاول الشمسية وهم أول من استخدم التقويم المبني على أساس حركة النجوم ، وكان الكلداني (نابو ريمانو) حوالي 500 قبل الميلاد قد حسب الكسوف والخسوف وحسب السنة الشمسية فكانت 365يوماً و6ساعات و15 دقيق و41 ثانية ويعتبر حساب دقيق حيث بالمقارنة مع السنة المحققة بحوالي 26 دقيقة و 55 ثانيه ، وكان زميلة كيدنّو صنع جداول وحسابات لحركات النجوم ، كذلك اكتشف البابليين دورة الساروس في القمر وبذلك تنبؤ بوقت الخسوف والكسوف ، وكذلك ترجع لهم الأسماء الشهرية الشمسية (آذار، شباط ، نيسان ..)

كما اصدر البابليون التقاويم الفلكية لسنتين أو أكثر وكانت تلك التقاويم تؤدي وظيفتين منها وظيفة عملية تختص بتحديد أحوال الجو وفصول السنة والمواسم الزراعية وتحديد الأعياد وصرف رواتب جنود الدولة وغيرها من الأحوال الشخصية والوظيفة الأخرى فهي تقاويم استخدموها في التنجيم للتنبؤ بمصائر وأحوال الرعاة والملوك ، ولقد حددوا كذلك زمن الشهر القمري الاقتراني والشهر القمري النجمي بدقه تتوافق تقريباً مع الحسابات المعاصرة وكذلك حسبوا مدة السنة الشمسية والسنة الفصلية والسنة الاقترانية والسنة النجومية. بذلك ساهمت حضارة مابين النهرين مساهمه لا بأس بها في ظل تلك العصور القديمة والأدوات بدائية جداً وذلك بسبب تفشي التنجيم عند تلك الحضارة وهذا ما يؤسف له .

الفلك عند المصريين القدماء:

قسم المصريين القدماء السنة إلى 360 يوم فكانوا يضيفون عليها 5 أيام ليجعلوها عيداً كل سنه فبذلك ممكن أن يكونوا على علم إن السنة 365 يوم ، واستطاعوا تمييز الكوكبات النجمية وقسموها الى ستةً وثلاثين كوكبة وعرفوا النجوم أبدية الظهور وميزوا بين نجمه الصباح والمساء وكذلك واهتموا أيضا بالكواكب السيارة الخمسة التي تشاهد على شكل نجوم لامعة وأطلقوا عليها (النجوم التي لا ترتاح أبدا) بسبب حركتها المستمرة بين النجوم وقد أطلقوا على كوكب المريخ (الحوري الأحمر ) وأطلقوا أيضا على المشتري (بالنجم الثاقب) وزحل (حورس الثور), وقد أطلقوا أيضا على الزهرة وعطارد (بنجمتي الصباح )عند ظهورهم في الصباح و (نجمتي المساء) عند ظهورهم بعد الغروب وكذلك وضعوا تفسيراً لظاهرة ارتجاع كوكب المريخ ولقد اسموا تلك الحركة بالقبطية أي (سكدد إفم خت خت) أي (الكوكب المتراجع إلى الوراء) وقد ربطوا بين فيضان النيل وظهور نجمة الشعرى اليمانية ، وكان بناء الأهرامات مرتبط مع النجوم المشهورة كالنجوم حزام الجبار والنجم القطبي ونجمة الشعرى اليمانية.

الفلك عند الصينيين والهند وفارس قديماً:

كان الاهتمام الصيني منصب بشكل كبير على الظواهر الكونية كالكسوف والخسوف والشهب والنجوم المتفجرة وقد وجدت تسجيلات لكسوفات شمسية وخسوفات قمرية منذ نجو 13 قرناً قبل الميلاد. ولقد كان اعتقاد بأن تنيناً ضخماً يبتلع الشمس أثناء كسوفها فيتجمهرون الناس فيصدرون ضجة هائلة لإخافته وابعادة عن الشمس. وقد اختلط الفلك للأسف بالتنجيم حيث كان الشائع عندهم أنهم يعملون الطلاسم على أسماء الكواكب من أجل استطلاع الغيب.

عند الهنود حيث اهتموا في بعض الظواهر الفلكية وصنعوا بعض الآلات الفلكية وكان عند الهنود كما عند الصينين تقريباً حيث اختلط كثيراً بالتنجيم حيث أن المنجمون يقيسون أبعاد الشمس والقمر ويتابعون حركاتها من برج إلى آخر.

أما بلاد فارس وهي تقع بين الهند وبلاد بابل فقد كان لهم في الفلك حيث جمعوا الكتب من الصينين والهنود ، وأشار إليهم ابن قتيبة عبدالله حيث قال(وكانت العجم "الفرس" من لم يكن عالماً بإجراء المياه وحفر فرض المشارب وردم المهاوي ومجاري الأيام في الزيادة والنقصان ودوران الشمس ومطالع النجوم وحال القمر في استهلال وأفعاله وحال أدوات الصناع ودقائق الحساب ، كان ناقصاً وحال كتابته). وكان الفلك مختلط بالتنجيم وهذا حال الفلك للأسف في تلك العصور القديمه في الغالب يختلط بالتنجيم والخرافات.

الفلك عند الحضارة اليونانية:

في هذه الحضارة أصبح هنالك نقله نوعية في علم الفلك حيث تناقصت بشكل ملحوظ من الخرافات والتنجيم فأصبح علم الفلك علم يعتمد على الهندسة الكروية وعلم المثلثات. فالعلم ليس حكراً لأحد حيث اخذ الإغريق الفلك من البابليين والمصرين القدماء وطوروه تطوراً كبيراً فصاغوا المعلومات الفلكية بصيغ علمية وهندسيه ،فكان طاليس المَـلَـطي في القرن السادس قبل الميلاد أو من وضع نظرية محددة لأصل الكون فقال إن أصله من مادة واحدة وهي الماء ، وقال فيثاغورسيين نسبةً إلى فيثاغورس على استحياء أن الأرض تدور حول محورها ، واعتقد انكساغوراس انه للكون عقل يسيرة وينظمه ،واعتقد أن القمر مكون من صخور وأتربه ، ووضع الفلكي يودوكسوس نظريه تقول إن الأرض هي مركز الكون تلتف حولها كرات تتحد مراكزها مع مركز الأرض عرفت بالكرات المتحدة المركز، وقال الفيلسوف أرسطوطاليس إن الأرض وسط العالم كرة ثابتة ساكنه تدور حولها تسعة أفلاك دائرية كاملة الاستدارة وكذلك قدم براهين على كروية الأرض ، وفي القرن الرابع قبل الميلاد قدم الفلكي أريسطارخوس نظاماً كونياً آخر حيث أعتقد أن الشمس في مركز الكون وأن الكرة الأرض والكواكب الخمسة تدور حولها سنوياً وتدور حولها محاورها يومياً والقمر يدور حول الأرض ، و في القرن الثاني قبل الميلاد اعتقد العالم هيبارخوس بمركزية الأرض وكذلك اكتشف ظاهرة تقدم الاعتدال وصنع فهرساً وخريطة وكرة حدد فيها مواضع أكثر من ألف نجم.

أما العالم الأبرز والأهم في تاريخ الحضارة اليونانية هو العالم الفلكي كلوديوس بطليموس والذي عاش في القرن الثاني الميلادي في مدينة الإسكندرية ومنه انتهى الفلك القديم فقد جمعه ونقحه وأضاف إليه ووضعه في كتابه المشهور المجسطي حيث كان هذا الكتاب بسط مبادئ علم الفلك فتكلم عن كروية الكون والأرض وحدد وقت الأعتدالين والانقلاب الصيفي والشتوي وتابع حركة القمر وحدد الكسوف والخسوف وكذلك صور البروج وضبط حركة الشمس أيضاً. وبذلك اصبح كتاب المجسطي هو المرجع الاساسي لعلم الفلك لعدة قرون.

الفلك عند العرب القدامى:

أخذوا العرب الفلك من اليونان والرومان وهم من أخذوه كذلك عن البابليين والمصريين ، ولقد عاش العرب الأقدمون في شبه الجزيرة العربية وكانوا كثير الترحال بين شمال الجزيرة وجنوبها وشرقها وغربها طلباً للمعيشة سواء للمأكل أول للتجارة ، فكانت رحلاتهم في الغالب ليلاً فهم خبراء في الملاحة الليلية وذلك عن طريق النجوم ـ فميزوا النجوم الثابتة وكذلك الكواكب السيارة واعتمدوا على النجوم كذلك في معرفة الفصول وما بها من أمطار ورياح وبرد وحرارة ، ولقد وَثقوا العرب معرفتهم الفلكية في أشعارهم حيث يقول ابن الرمه وهو يحدث ناقته:

فقلت أجعلي ضوء الفراقد كلها ...... يميناً ومهوى النسر عن شمالك

والفرقدان هما نجمان في كوكبة الدب الأصغر وهي أبدرة الظهور والنسر هو في كوكبة النسر الطائر . هنالك الكثير من الأبيات والأشعار التي تدل على الاهتداء بالنجوم في ذلك الوقت.

العلم الفلك عند العرب المسلمون:

حث الإسلام على التعلم فأمره بالقراءة في أول آية نزلت في القرآن الكريم حيث قال الله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [العلق:1-5] ومن الآيات التي تدل على تدبر السماء وهذا الكون الفسيح قولة تعالى : (قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضِ وَمَا تُغْنِى الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ) [يونس: 101] الشاهد قوله تعالى (قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِى السَّمَاوَاتِ ) وهذا خطاب يدعو به الله عز وجل الإنسان بالنظر إلى السماوات حيث فيها الكثير من العلم والآيات المعجزة.

في بداية الإسلام كان المسلون منشغلون في توسيع رقعة الإسلام بالمواقع والفتوحات الإسلامية وكان أول من اهتم بترجمة الكتب الفلكية وغيرها العلمية هو خالد بن يزيد المتوفى سنة(85 هـ 704م) حيث ترجم العديد من الكتب ولكن كان التقدم في علم الفلك بدأ في العصر العباسي حيث كان أبو جعفر المنصور مهتماً بعلم الفلك والتنجيم وأمر بترجمة كتاب المقالات الأربع لبطليموس وهي تتكلم في أحكام النجوم وكذلك أمر بترجمة كتاب السندهند وهو كتاب العالم الهندي برهمكيت حيث كتبه عام 7 هـ 628م وكانت هنالك الكثير من المؤلفات والازياج والتصحيحات الفلكية التي قام بها الفلكيين العرب المسلمون وكذلك أهتم المأمون بن هارون الرشيد بعلم الفلك وكان يدعمه مادياً ومعنوياً وكون فريقاً فلكياً جمع فيه الفلكيين في عهدة منهم أبناء موسى بن شاكر وسند بن علي ومحمد بن موسى الخوارزمي واحمد المروزي وماشاء الله البصري وأبو إسحاق الكندي وعلي بن البحتري ومن المترجمين حسنين بن إسحاق وثابت بن قرة حيث كانت لثابت إسهامات فلكية وغيرها في الرياضيات ، وأمر المأمون ببناء أول مرصد فلكي في الإسلام في بغداد. والجدير ذكره أن أسماء النجوم العربية الكثيرة تدل على اهتمام العرب المسلمون بهذا العلم حيث سموا الكثير من النجوم بأسماء عربية إلى الآن اسمها باقي , وهذه عدة وقفات مع بعض الفلكيين العرب والذي لا حصر لهم.

- البتاني (858 – 929م)
هو عبدالله عمر بن سنان الحراني أَلَف كتاب (الزيج الصابي) أشهر الكتب الفلكية التي وضعها علماء الفلك العرب المسلمون ، ويعرفه الغرب باسم (الباتغونيس) Battenius ولقد كرموه الغرب بتسمية إحدى الحفر القمرية باسمه ولقبوه بطليموس العرب ، وقد أسهم في المثلثات والجبر والهندسة وإنشاء مرصداً فلكياً بالرقة وأعتمد علماء الغرب بعد عصر العلم الإسلامي على أرصاده لدقتها ، ولقد وجد زاوية ميل الدائرة الكسوفية أثبت أنها 23ْ35َ وهي بفارق ثانيتين قوسيتين من الأرصاد الحديثة ، كذلك أبدع ف معرفة عروض البلدان وزمن مطالع الأجرام كما حسب طول السنة الشمسية ووجدها 365يوماً و5ساعات و46دقيقة و 34ثانية وهذا بفارق دقيقتين و24 ثانية من طول السنة في وقتنا الحاضر وكذلك رصد بعد مدينة الدقة عن فلك معدل النهار في دائرة نصف النهار وهي 36ْ أي يوازي ارتفاع القطب ، ومدينة الرقه حالياً تقع على درجة عرض تساوي بالضبط نفس التي رصدها البتاني وهي 36ْ وهذا أعظم انجازاته وكذلك كان البتاني أول من قال بإمكانية حدوث الكسوف الحقلي للشمس.

- الصوفي (903-986م)
وهو أبو حسن عبدالرحمن بن عمر الرازي الصوفي وهو الفلكي الشهير بكتابه الشهير (صور الكواكب الثمانية والأربعين) وصاحب (الأرجوزة) في الكواكب وهي القصيدة الشعرية التي شرح فيها كتابه المذكور ، ووضع الصوفي في كتابة أسماء عربية للنجوم حوالي 25 نجم منها لا يزال يعرف بهذا الاسم ، وانتقد في هذا الكتاب العالم الفلكي الشهير بطليموس. كذلك ألف كتب عديدة منها (الكواكب الثابتة) وكتاب(التذكرة ومطارح الشعاعات)وغيرها من الكتب، والصوفي هو أول من أشار إلى مجرة اندروميدا حيث سماها باللطخة السحابة.

- البيروني (962-1048م)
هو أبو ريحان محمد بن أحمد البيروني ولد في خوارزم. كان يتيماً ورباه الفلكي أبو النصر منصور بن عراق فشجعه على البحث وألف كتاب (الآثار الباقية عن القرون الخالية) وهو كتاب موسوعي ، أشهر كتاب له في علم الفلك هو (القانون المسعودي في الهيئة والنجوم) استعرض فيها صور الأرض وأبعادها وحساب المثلثات المستوية والكروية وغيرها وصحح بعض آراء بطليموس وانتقد بعضها وألف أكثر من 180 كتاباً منها ما هو موجود بلغات عدة ومنها ما قد فقد.

- عمر الخيام(1044 – 1123م)
هو عمر بن إبراهيم الخيام النيسبوري وهو صاحب الرباعيات تألق في وضع التقويم والازياج ومازال تقويمه متبعاً في إيران وأفغانستان وهو تقويم الجلالي حيث دقته العالية فنسبة الخطأ فيه كانت يوم واحد كل 3770سنة في حين أن الخطأ في التقويم الجريجوري هو يوم كل 3330سنة كما وضع الخيام كتاب (الزيج المكشافي) وهو تقويم فلكي يحدد فيه مواقع وإحداثيات الكواكب.

وانتقل علم الفلك بعد العصر الإسلامي إلى دول أوروبا ونقل علم الفلك عندهم واخذوا يطورونه كما فعوا الإسلاميون حيث طوروا الفلك بعد أن أخذوه من الإغريق والرومان.

علم الفلك في العصر الحديث:

أنطلق علم الفلك حديث في عهد العالم الشهير كوبرنيكوس(1472-1543م) حيث استبدل هذا العالم مركزية الأرض بمركزية الشمس ومنها أتت تفاسير الحركات الارتجاعية لبعض الكواكب وغيرها وبدأ علم الفلك الحديث بعيداً عن التنجيم فأصبح علم يهتم بدارسه حركة الأجرام السماوية بعيداً عن الأساطير.

جاء العالم تايكو براهي (1546- 1601) فالنصب هذا العالم على رصد حركات الكوكب السيارة والشمس والقمر رصداً دقيقاً حيث استعان في أرصاده على أدق المعدات وأجهزة الرصد والقياس التي طورها المسلون العرب وكانت أرصاده دائماً تأتي متناقضة مع ما توقعه كوبرنيكوس وكان يعتقد أن كل الكوكب تدور حول الشمس ماعدا الأرض حيث تدور الشمس بكواكبها حول الأرض فهو آخر العلماء الذين اعتقدوا بمركزية الأرض.

جاء بعد تايكون مساعدة يوهان كبلر(1571-1630) فورث أرصاد تايكو فأخذ يدرسها فتوصل إلى أن مدارات الكواكب إهليجية وليست كروية وهذا ما يطابق حساباته كما توصل إلى فهم الحركة الارتجاعية لكوكب المريخ وبكل سهولة وكذلك وضع قوانين الثلاثة المتكاملة والمشهورة فهي مدخل التقدم الكبير في علم الفلك.

ثم أتى العالم الفلكي الشهير جاليليو جاليلي(1564- 1642م) حيث تمكن من إيجاد علاقة بين المتغيرات الحركية فتمكن من معرفة التسارع الجاذبي عندما لا حظ أن جميع الأجسام تسقط بنفس السعر إلى الأرض مع اختلاف كتلها.

ولكن الخطوة العملاقة التي خطاها جاليليو عام 1609م والتي أحدثت ثورة كبيرة في عالم الفلك وهي توجيه المنظار إلى الفضاء لرؤية الأجرام الفضائية ولقد استطاع رؤية كوكب المشتري وأقماره الأربعة والتي سميت باسمة كذلك نظر إلى القمر وقال إن القمر هو عبارة عن جبال وصخور مثل التي على الأرض فاستنتج أن القمر كتله صخرية وليس أثيرياً كما كان يعتقد سابقاً ، كما رأى البقع الشمسية وقال أن الشمس تدور حول نفسها حيث رأى تلك البقع تتحرك وتبدل مكانها ، ورصد أيضاً كوكب زحل وقال انه ليس قرصاً كاملاً حيث يحتوي على قرص دائري ذلك إن منظار جاليليو صغيراً فلم يميز تلك الحلقة التي حوله وكذلك رصد الزهرة وعرف عن أطواره.

ومن هنا قبل 400 سنة بدأت الثورة التقنية في عالم الرصد والمناظير وإلى الآن يعتمد الفلكيون على المناظير فالفلكي بدون منظار كالصياد من دون سنارة الصيد. وأكتشف هويغنز المتوفى سنة 1695م حلقات زحل وفسرها ونظر الى قمره تاجيتان

ثم أتى من بعده اسحق نيوتن (1642- 1727م) حيث اخترع التفاضل والتكامل ووضع قوانين الحركة الثلاثة ووضع قانون الجاذبية العام حيث فتح آفاق كبيره وحل مسائل عديدة حيرت من قبله ، وكذلك صنع نيوتن منظاره الشهير ذو المرآة العاكسة بدلاً من العدسات لكي يحل مشكلة الزيغ اللوني والتي كانت مشكلة في المناظير الكاسرة.

ثم جاء أدموند هالي المتوفى عام 1742م فدرس المذنبات وقال إنها كالكواكب والكويكبات تدور حول الشمس ولقد رصد مذنباً وحسب مقدار دورانه فتوقع وصوله بعد 75 سنة من ذلك الوقت وفعلاً كما توقع أدموند حيث آتى هذا المذنب زائراً للأرض والشمس في نفس الوقت الذي حسبه فسمي هذا المذنب بمذنب هالي وهو من أشهر المذنبات المعروفة حالياً .

فأصبح الفلكيون يدرسون حركات الكواكب ويتطلعون إلى السماء بمناظيرهم والتي سرعان ما تطورت وأصبح حجمها يكبر شيئاً فشيئاً ، وفي عام 1781م أكتشف العالم الانجليزي وليم هرشل المتوفى سنة 1822م كوكب أورانوس فأصبحت المجموعة الشمسية 7 كواكب ووجهة وليم منظاره إلى الفضاء الخارجي ليرى النجوم الثنائية والمجرات والسدم ، وفي سنة 1846م اكتشف الفلكيان غالي ودارية في برلين الكوكب نبتون حيث أصبح عدد الكواكب ثمانية.

ثم أتى العالم الشهير والكبير بعقله وتخيلاته العلمية البيرت أينشتاين ووضع نظريتاه الخاصة فالعامة في عامي 1905م وعام 1916م ماسكاً بذلك مفتاح الكون للدخول من بابه علمياً لدراسته.

في عام 1919م تأسس الاتحاد الفلكي الدولي لترويج وحماية علم الفلك عن طريق اجتماع الدول للعمل سوية. أعضاء الاتحاد هم فلكيون متخصصون قادمون من مختلف دول العالم، ويقومون بالأبحاث والتعليم حول ما يتعلق بعلم الفلك. يعد الاتحاد المنظمة المسئولة عن تسمية النجوم والكواكب والكويكبات والأجسام والظواهر الفضائية الأخرى.

وتوالى علماء الفيزياء الفلكية حينٍ بعد حين إلى أن أتيا العالمان فريدمان ولوميتر في عشرينيات القرن العشرين وقدما نظرية الانفجار الكبير والتي تقول بأن الكون قد بدأ من انفجار عظيم مكوناً المكان والزمان ، فجاء العالم أدوين هابل المتوفى سنة 1953م ليضع قانون تمدد الكون وبذلك دعم نظرية الانفجار الكبير .

في عام 1930م أكتشف العالم كلايد تومبو كوكب بلوتو وبذلك تصبح المجموعة الشمسية 9 كواكب.

علم الفلك اليوم:

أًصبح علم الفلك الآن مقترناً مع علم الفضاء فأتت الثورات العلمية والتقدم والرقي العلمي في النصف الثاني من القرن العشرين فأصبح الإنسان يسعى جاهداً للصعود إلى القمر وسبر الفضاء في ظل التقدم التقني الذي يحصل وبذلك أستطاع أن يرسل أول قمر صناعي روسي الصنع في أكتوبر عام 1957م وهو (سبوتنيك واحد) ووضع في مدار حول الكرة الأرضية ،

بعدها القمر الصناعي الأمريكي (إكسبلورر واحد) حيث أكتشف هذا القمر أحزمة فان ألن الإشعاعية حول الكرة الأرضية ، فقذفت الصواريخ خارج الغلاف الجوي لتتوالى الأقمار الصناعية الواحد تلوى الآخر، فأرسل الروس المركبة لونيك 3 عام 1959م يأتون بصور للجهة البعيدة للقمر،وأرسلت المركبات الفضائية الغير مأهولة فالمأهولة حيث تم إرسال أول كائن حي إلى الفضاء على ظهر القمر الصناعي الروسي (سبوتنيك 2) وهي الكلبه لايكا.

في أبريل من عام 1961م أنطلق الصاروخ الروسي فوستوك وعلى متنه رائد الفضاء يوري جاجارين حيث دار على الأرض في الفضاء الخارجي 108 دقائق وبذلك يكون هو أول إنسان يخرج خارج الغلاف الجوي ويسبح في الفضاء.

وفي عام 1969م استطاعت أمريكا إرسال أول إنسان إلى القمر حيث أن نيل ارمستروج أول كان حي تطأ قدمه سطح القمر ، فتوالت الرحلات والانجازات وتطورت الأجهزة والمناظير سواء الراديويه وغيرها من الاختراعات والتطورات حيث تم التعرف من خلالها على الأجرام فلكية جديدة منها الثقوب السوداء والنجوم النابضة والكوازرات والمادة المظلمة وغيرها من الأجرام.

في عام 1977 انطلقت المركبة فويجر1و2 اتجاههما خارج النظام الشمسي حيث تحمل معلومات عن البشر وكذلك تلتقط الصور الفلكية وترسل بياناتها إلى الأرض. وانطلقت عدد من المسابير المتخصصة لرصد كواكب معينه.

استطاع السوفيت في عام 1986م أن يطلقوا الجزء الأول من محطة فضاء وهي قمر صناعي كبير مأهول تجرى عليه تجارب عدة وهي أول محطة تستخدم تصميم المركبات الانفصالية.
في عام 1990م انطلقت ثورة جديدة في عالم الرصد البصري حيث تم إرسال منظار فلكي خارج الغلاف الجوي بعيداً عن شوائب الغلاف الجوي حيث تم رصد أجرام عديدة وتصوريها تصوراً دقيقاً لتفتح آفاق جديدة لدراستها ، وسمي هذا المنظار بمنظار هابل نسبةً إلى العالم أدوين هابل.

أصبح الإنسان يتقدم كل لحظة في هذا الزمان فطور الحواسب الآلية لخدمته ولخدمه العلم ومنها محاكاة النظريات الفلكية وغيرها العلمية فوصل إلى الآن حاسوب يستطيع إجراء 35ألف مليار عمليات الحسابية في الثانية ، وفي عام 1995م تم إطلاق المنظار الشمسي سوهو إلى خارج الغلاف الجوي لدراسة ورصد الشمس بأشكال مختلفة.
أما عام 1998م أطلق أول أجزاء من المحطة الفضائية الدولية حيث تعمل 15 دوله على بنائها.

وفي عام 1999م أطلق منظار تشاندرا لرصد الأشعة السينية التي تطلقها الأجرام الفضائية ، ثم أطلقت ناساً في أغسطس 2003م منظار سبيتزر لرصد الأشعة تحت الحمراء ، وفي عام 2004م تم وصول المركبة كاسيني لكوكب زحل فالتقطت لنا صوراً أكثر دقة وبتفاصيل عالية ساعدت العلماء على دراسة الكوكب بشكل أوسع.

في أغسطس عام 2006م في براغ تم الإعلان عن أن كواكب المجموعة الشمسية أصبحت ثمانية كواكب حيث تم تجريد كوكب بلوتو من قائمة الكواكب نظراً لعدم مطابقته لتعريف الكواكب الجديد حيث شذوذه وحجمه وذلك بعد التصويت في الاجتماع العالمي للفلكين والذي نظمه الإتحاد الفلكي الدولي

وفي أكتوبر من العام نفسه 2006م تم إطلاق مركبة فضائية على متنها من منظاران شمسيان (ستريو1و2) وهم يعملان سوياً لرصد وتصوير الشمس بصور ثلاثية الأبعاد وكل منظار يعمل في جهة بعيداً عن الآخر ليلتقطوا صوراً لا مثيل لها تساهم في تعميق دراسة الشمس من خارجها وباطنها.

وفي يوم 25 مايو من عام 2008م هبطت المركبة فينكس على سطح المريخ بسلام وهذه المركبة تتصرف الرجل الآلي حيث تحتوي على مجرفه تعمل على كشط تربة المريخ وإدخال تلك التربة إلى مختبر مصغر على هذه المركبة لتحليل التربة ولقد استمرت هذه المركبة 5 أشهر في حين أن الوقت الافتراضي لها 3 أشهر

أما شهر سبتمبر من العام نفسه 2008م انطلقت أكبر تجربة علمية عرفها التاريخ حيث يتم في هذه التجربة تسريع الهيدرونات وجعلها تصطدم ببعضها بسرعة عاليه داخل آله كبيرة بشكل دائري تقع بين سويسرا وفرنسا حيث شارك فيه أكثر من 8000 عالم من أكثر من 85 دوله ، والهدف منها هو إيجاد بعض الحلقات الضائعة والاجابه على التساؤلات المحيرة منها سر الانفجار الكبير.

وفي العام 2009م اتفق الإتحاد الفلكي الدولي ومنظمة اليونسكو على أن تكون هذه السنة هي السنة الدولية للفلك بشعار(الكون حولك لتكتشفه) في ذكرى 400 سنة على توجيه أول منظار إلى السماء على يد العالم جاليليو جاليلي عام 1609م ، وسيكون هناك خلال العام احتفال عالمي لعلم الفلك ونشر مساهماته في المجتمع والثقافة ، مع التركيز الشديد على التعليم ، وإشراك الناس ومشاركة جيل الشباب ، وستجري أحداث مصاحبه للحدث العالمي على الصعيدين الوطني والإقليمي والعالمي في كل أنحاء العالم.

وفي التاسع من أكتوبر تم إسقاط صاروخ من على متن مركبة فضائية وبعدها بنحو بأربع دقائق تم إسقاط القمر الصناعي LCROSS والتي تحتوي على مجسات مختلفة على مكان انفجار الصاروخ ليرسل معلومات فورية عن نسبة المياه الموجودة في تربة القمر وبعد تحليلها أعلن علماء ناسا انه تم اكتشاف كميات غير متوقعه على سطح القمر.

أما في يوم الجمعة 18 ديسمبر 2009م فقد كشفت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا ، عن صورة هي الأولى من نوعها تظهر انعكاس أشعة الشمس على سطح بحيرة موجودة على القمر تيتان اكبر أقمار كوكب زحل وتعد هذه الصورة أول دليل قاطع على وجود سائل على سطح القمر تيتان في النصف الشمالي.

بهذا اختتم ما استعرضته بشكل موجز عن تاريخ علم الفلك من العصور القديمة حتى عصرنا هذا، ويسألني الكثير من الناس عن أخبار الفلك وما هو الجديد فيه فردي دائماً أن هنالك كل يوم أحداث جديدة في علم الفلك فكل يوم بفضل تطور المعدات والآلات تظهر دراسات بشكل شبه يومي تخدم علم الفلك ، والملاحظ أن تطور العلم مع تطور الإنسان بزمانه ومكانه ومعداته فمع قفزة الإنسان إلى مرحله جداً متطورة في الستين السنة الماضية تطور معها علم الفلك وسيظل العلم يتطور والاكتشافات تتوالى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

1 comments:

Earth rotates 3 cycles

course 1 in 24 hours
Course 2 in 12 months

course 3 in 5 years

If you have people who are convinced that the earth is rotating 3 cycles
I am ready to participate in this dialogue in a scientific way

إرسال تعليق

هدفنا

متابعة الاحداث الفلكية وتبسيطها للعوام ونشر كل مايتعلق بالفلك من مقالات وابحاث شخصية

القائمة التفاعلية

وسائط متعددة

اصدقاء الفلك

   

من نحن